اريخ الأسكندرية كاملا
الإسكندرية، العاصمة الثانية لمصر و أكبر مدنها بعد العاصمة القاهرة. هي أكبر ميناء في مصر، يبلغ عدد سكانها 3,341,000 على البحر المتوسط. أسسها الإسكندر 333 ق.م، فغدت مركزًا للثقافة العالمية. اشتهرت بمكتبتها الغنية وبمدرستها اللاهوتية والفلسفة في قرنين. شيد البطالمة منارة الإسكندرية، والتي اعتبرت من عجائب الدنيا السبع، وذلك لإرتفاعها الهائل حوالي 35 مترًا. ظلت هذه المنارة قائمة حتى دمرها زلزال شديد سنة 1307م. وحديثاً، بُني في الإسكندرية مكتبة جديدة في عام 2001م.
تاريخ الإسكندرية.
أسس الإسكندر الأكبر مدينة الأسكندرية بمصر 21 يناير 331 ق.م كمدينة يونانية. و أصبحت أكبر مدينة في حوض البحر الأبيض المتوسط. و تقع مدينة الإسكندرية علي البحر فوق شريط ساحلي شمال غربي دلتا النيل و وضع تخطيطها المهندس الإغريقي (دينوقراطيس) بنكليف من الإسكندر لتقع بجوار قرية قديمة للصيادين كان يطلق عليها راكوتا (راقودة). و المدينة قد حملت إسمه. وسرعان ما إكتسبت شهرتها بعدما أصبحت سريعا مركزا ثقافيا و سياسيا و اقتصاديا و لاسيما عندما كانت عاصمة لحكم البطالمة في مصر و كان بناء المدينة أيام الإسكندر الأكبر امتدادا عمرانيا لمدن فرعونية كانت قائمة وقتها و لها شهرتها الدينية و الحضارية و التجارية. و كانت بداية بنائها كضاحية لمدن هيركليون و كانوبس و منتوس. و إسكندرية الإسكندر كانت تتسم في مطلعها بالصبغة العسكرية كمدينة للجند الإغريق ثم تحولت أيام البطالمة الإغريق إلي مدينة ملكية بحدائقها و أعمدتها الرخامية البيضاء و شوارعها المتسعة و كانت تطل علي البحر و جنوب شرقي الميناء الشرقي الذي كان يطلق عليه الميناء الكبير مقارنة بينه و بين مبناء هيراكليون عند أبوقير علي فم أحد روافد النيل التي اندثرت و حاليا انحسر مصب النيل ليصبح علي بعد 20 كيلومترا من أبوقير عند رشيد. و المدينة الجديدة قد اكتسبت هذه الشهرة من جامعتها العريقة و مجمعها العلمى"الموسيون" و مكتبتها التى تعد أول معهد أبحاث حقيقى فى التاريخ و منارتها التي أصبحت أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. فقد أخذ علماء الإسكندرية فى الكشف عن طبيعة الكون و توصلوا إلى فهم الكثير من القوى الطبيعية. و درسوا الفيزياء و الفلك و الجغرافيا و الهندسة و الرياضيات و التاريخ الطبيعى و الطب و الفلسفة و الأدب. و من بين هؤلاء الأساطين إقليدس عالم الهندسة الذى تتلمذ على يديه أعظم الرياضيين مثل أرشميدس و أبولونيوس و هيروفيلوس فى علم الطب و التشريح و إراسيستراتوس فى علم الجراحة و جالينوس في الصيدلة و إريستاكوس فى علم الفلك و إراتوستينس فى علم الجغرافيا و ثيوفراستوس فى علم النبات و كليماكوس و ثيوكريتوس فى الشعر و الأدب فيلون و أفلاطون في الفلسفة و عشرات غيرهم أثروا الفكر الإنساني بالعالم القديم. و لقد عثر الباحثون عن آثار الإسكندرية القديمة و أبو قير تحت الماء علي أطلال غارقة عمرها 2500 سنة لمدن فرعونية –إغريقية. و لاتعرف حتي الآن سوي من خلال ورودها فيما رواه المؤرخون الرحالة أو ما جاء بالأساطير و الملاحم اليونانية القديمة. و كانت مدينتا هيراكليون و منتيس القديمتين قرب مدينة الإسكندرية القديمة و حاليا علي عمق 8 متر بخليج أبو قير. و كانت هيراكليون ميناء تجاريا يطل علي فم فرع النيل الذي كان يطلق عليه فرع كانوبس. ومدينة منتيس كانت مدينة دينية مقدسةحيث كان يقام بها عبادة إيزيس وسيرابيس. و المدينتان غرقتا في مياه البحر الأبيض المتوسط علي عمق نتيجة الزلازل أو فيضان النيل. و كان لهذا ميناء هيراكليون الفرعوني شهرته لمعابده و ازدهاره تجاريا لأنه كان أهم الموانيء التجارية الفرعونية علي البحر الأبيض المتوسط. فلقد اكتشفت البعثات الاستكشافية مواقع الثلاث مدن التراثية التي كانت قائمة منذ القدم و هي هيراكليون و كانوبس و مينوتيس. فعثرت علي بيوت و معابد و تماثيل و أعمدة. فلأول مرة تجد البعثة الإستكشافية الفرنسية شواهد علي هذه المدن التي كانت مشهورة بمعابدها التي ترجع للآلهة إيزيس وأوزوريس وسيرابيس مما جعلها منطقة حج و مزارات مقدسة. وظلت الإسكندرية عاصمة لمصر إبان عهود الإغريق و الرومان و البيزنطيين حتي دخلها العرب. و انتقلت العاصمة منها لمدينة الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص عام 21هـ–641م.
الإسكندرية بعد ظهور الإسلام
بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خرج العرب المسلمون من شبه الجزيرة العربية لنشر الإسلام في أنحاء العالم المعروف، وضربوا أروع الأمثلة في الفضائل و القدوة الحسنة.. و قد رحب المصريون بالمسلمين الذين خلصوهم من ظلم الرومان طيلة عقود طويلة من القهر و الظلم ..وبعد أن عجز البيزنطيون عن مقاومة الجيش الإسلامي تم عقد معاهدة في 641 م اشتهرت بـ"صلح الإسكندرية" تنتهي بعد حوالي سنة يتم خلالها جلاء الحامية البيزنطية عن الإسكندرية و ألا يعود البيزنطيون للإسكندرية.. و دخل القائد عمرو بن العاص الإسكندرية في 642 و كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يصف له المدينة التي كان بها وقت دخوله إليها " 4000 قصر و4000 حمام عام و 12000 مزارع و 40000 يهودي و400 مسرح" و لكن بعد مدة قصيرة من السيطرة على المدينة قام البيزنطيين بهجوم مضاد ليستعيدوا المدينة من جديد إلا أن عمرو بن العاص استطاع هزيمتهم و دخل الإسكندرية مرة أخرى في صيف سنة 646 و رحب الأقباط في الإسكندرية بقيادة البطريرك بنيامين بالمسلمين ترحيباً بالغاً و بذلك فقدت الدولة البيزنطية أغنى ولاياتها إلى الأبد.
و قد تم تحويل العاصمة من الإسكندرية إلى الفسطاط حيث لم يرد الخليفة عمر بن الخطاب أن يفصله عن والى مصر بحر..هذا مما أفقد الإسكندرية الكثير من أهميتها و رغم أن ذلك لم يفقد العرب افتتانهم بالمدينة و ذلك يتضح من خلال كتاباتهم العديدة عن وصف الإسكندرية و منارتها و آثارها القديمة.. و بالطبع فقد استمرت حركة التجارة التى كانت الإسكندرية تلعب فيها دورا مهما و كذلك تم بناء سور جديد للمدينة..و قد وفد على الإسكندرية الكثير من العلماء من أمثال الإمام الشاطبى و الحافظ السِّلَفي و ابن خلدون وغيرهم الذين أثروا الحركة العلمية للمدينة.. و من المعالم التي تركتها المرحلة الأولى للفتح ضريح و جامع أبى الدرداء-ذلك الصحابي الجليل- في منطقة العطارين والذي شارك فى فتح مصر.. و قد تعرضت المدينة لعدة زلازل قوية (عام 956 ثم 1303 ثم 1323) أدت إلى تحطم منارتها الشهيرة (إحدى عجائب الدنيا السبع) حتى أن ابن بطوطة – الرحالة المعروف- عندما زار الإسكندرية فى عام 1349 لم يستطع السير عند موقع المنارة من كثرة الحطام! كما تعرضت الإسكندرية لهجمات صليبية كان أخرها فى أكتوبر [[1365]] م عانت فيها من أعمال قتل دون تمييز بين مسلم ومسيحي ونهب وضربت المساجد.. إلا أنه و فى عام 1480 قام السلطان المملوكي قايتباي ببناء حصن للمدينة لحمايتها في نفس موقع المنارة و المعروفة الآن بـ"قلعة قايتباي"حيث حظيت الإسكندرية فى عهده بعناية كبيرة..و قد هيأت دولة المماليك وسائل الراحة لإقامة التجار الأوروبيين فى مينائي الإسكندرية و دمياط فبنيت الفنادق و وضعتها تحت تصرف التجار، حتى يعيش التجار الأوروبيين وفق النمط الذى اعتادوه فى بلادهم و كانت الفنادق مبان كبيرة مكونة من عدة طوابق وبها فناء داخلي يجرى به عمليات فك البضائع وربطها .. و بعد بناء القاهرة في سنة 969 م ثم اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في عام 1498 م و كذلك بعد جفاف فرع النيل و القناة التي كانت تمد الإسكندرية بالمياه العذبة، فقدت الإسكندرية الكثير من أهميتها.. إلا أنها كانت ما تزال الميناء الرسمي المصري و التي كان يرسو عندها أغلب الزائرين الأوروبيين فى العصر المملوكي و العثماني..و فى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي حينما سيطر المماليك على مصر في ظل الحكم العثماني، ظهر الفساد و زادت الضرائب على المصريين و كانت أوروبا قد بدأت تشهد تغيرات سياسية هامة بعد قيام الثورة الفرنسية و صعود نابليون بونابرت كزعيم سياسي..و جاءت الحملة الفرنسية على مصر و دخل جنود الحملة الفرنسية الإسكندرية فى الأول من يوليو عام1798 بدون مقاومة تذكر..و رغم أن أفراد الحملة لم يكن لديهم لا الوقت و لا الرغبة فى إعادة الحياة إلى الإسكندرية إلا أن تلك الحملة كانت بمثابة إنذار بـ"اليقظة" إلى كل المصريين! و سرعان ما التحمت القوات البريطانية مع الفرنسية في الإسكندرية فى عام 1801 م فى معركة أدت لخروج القوات الفرنسية من مصر..لتدخل الإسكندرية ومصر بصفة عامة مرحلة جديدة مليئة بالنهضة فى جميع المجالات..